حديث الغدير ودلالته على النص بالإمارة والخلافة لـ علي بن أبي طالب عليه السلام (1)
الباحث الشيعي/ حيدر علي قلمداران القمي
أحد القضايا التي يغفلها الكثيرون ولا يميلون للبحث حولها في موضوع الإمامة بالنص هو دراسة خلفية حادثة الغدير، أي الأمور التي حدثت في السنة العاشرة للهجرة وكانت الخلفية الأساسية التي أدت لواقعة الغدير. والاطلاع على هذه الخلفية ضروري جدًّا للفهم الصحيح لخطبة غدير خم.
[خلاصة قصة الغدير]
خلاصة قصة الغدير، طبقًا لما روته كتب التاريخ الإسلامي مثل سيرة ابن هشام (ج 4/ص 274) التي هي أقدم كتب السيرة المتوفرة، وتواريخ وتفاسير الفريقين الشيعة والسنة، كتفسير جمال الدين أبي الفتوح الرازي وتفسير ابن كثير وتاريخ البداية والنهاية لابن كثير أيضًا، وكتاب مجالس المؤمنين (ج1/ص43) للقاضي نور الله الشوشتريوغيرها من كتب الرواية والحديث لدى الفريقين، ما يلي:
في السنة العاشرة للهجـرة توجه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى مكة المكرمة ليؤدي مناسك الحج الإسلامي ويعلّمها الناس ولتكون فرصة يُعطى فيها المسلمين الذين انضووا تحت رسالته آخر وصاياه، وأرسل (صلّى الله عليه وآله) رسائل إلى رؤساء القبائل العربية وعماله في نواحي الجزيرة العربية يدعوهم فيها إلى المجيء لمكة في أيام الحج ليؤدوا المناسك معه، وكان من جملة الرسائل كتابٌ بعث به إلى علي بن أبي طالب (ع) الذي كان حينها في اليمن، حيث كان (صلّى الله عليه وآله) بعثه لجمع أموال الزكاة فيها، دعاه فيه كذلك إلى الحضور لمكة أيام الحج، فوصل الكتاب لعليٍّ وهو في اليمن أو في طريقه من اليمن إلى المدينة حاملاً أموال الزكاة، فرأى (ع) أنه لو أراد أن يأتي مكة بما معه من أموال بيت المال ـ التي كان أغلبها في ذلك الوقت من المواشي كالإبل والبقر والغنم ـ لما استطاع الوصول إلى الحج في الوقت المطلوب، لذا اضطر أن يوكل أمر حمل أموال الزكاة إلى الذين كانوا برفقته، كبريدة الأسلمي وخالد بن الوليد وغيرهما، وينطلق بمفرده مسرعًا إلى مكة.
وصل علي مكة ولقي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم السابع أو الثامن من ذي الحجة، وبعد أداء مناسك الحج، قـفل راجعًا إلى طريق اليمن ليكمل مهمته في حمل أموال بيت المال، فلقي القافلة وهي في طريقها إلى المدينة، ووجد بريدة الأسلمي وخالد بن الوليد تصرّفا في بعض أموالها، سيما بعض الحلل اليمنية، فغضب، كما هي عادته تجاه أي تصرف شخصي ليس في محله في بيت مال المسلمين، فنهر بريدة وخالدًا ووبخهم على صنيعهم.
وفي بعض التواريخ أنه (ع) سبهم وضربهم، فكبر ذلك عليهم، لا سيما أنهما كانا من الوجهاء والأكابر في قومهما، فحملا في قلبهما بغضًا لِعَليٍّ واستعدّا للانتقام لأنفسهما فأرسلا شخصًا إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، الذي كان في طريق عودته من مكة إلى المدينة. وفي بعض التواريخ أنهم ذهبوا إليه بأنفسهم، واشتكوا إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عنف وشدَّة علي معهم.
وتذكر بعض المراجع التاريخية أنهم سبُّوا عليًّا في محضر رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فلما رأوا علامات الغضب على وجهه (صلّى الله عليه وآله) ظانين أنه غضب على علي لأجلهم، واصلوا الشكوى بلهجة أكثر حدة، عند ذلك نهاهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومنعهم من هذا الكلام وذكر طرفًا من فضائله، وكان مما قال:
«ارْفَعُوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْ عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ خَشِنٌ فِي ذَاتِ اللَّهِ غَيْرُ مُدَاهِنٍ فِي دِينِهِ».
[أو: «أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَشْكُوا عليًّا، فَوَ اللهِ إنَّهُ لَأَخْشَنُ فِي ذَاتِ اللَّهِ، أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مِنْ أَنْ يُشْكَى»
أو «مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلِيٌّ مَوَلاَهُ»]...
هل أُريدَ بحديث الغدير النص على عليٍّ بالإمارة والخلافة؟
يتبع في منشور قادم