رأي الباحث الشيعي/ حيدر علي قلمداران القمي في حادثة الغدير
يقول: كانت واقعة الغدير واقعةً ذكر فيها نبيّ الإسلام الأكرم ص بضعة جمل في فضل مولى الموحِّدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب س أبرزها تلك الجملة التي ذكرها معظم مؤرخي ومحدِّثي الإسلام ورواها عدة أشخاص من أصحاب الرسول المختار الأجلاء وهي التي قال فيها رسول الله ص: «مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلاَهُ»، وكما روى كثير من المحدِّثين أيضاً الجمل اللاحقة التي قال ص فيها: «اللهم وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ وَانصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ».
وهذه الجملة الأخيرة أفضل قرينة على المعنى المقصود من كلمة (مولى) التي ذكر لها علماء اللغة أكثر من عشرين معنى.
لو تركنا الهوى والتحيّز جانباً وقرأنا بتجرّد وإنصاف تاريخ الإسلام والواقعة التي كانت الدافع وراء قصة الغدير، لتبيّن لنا بوضوح أن تلك المسألة كانت صحيحة في موضعها ولا ينكرها أي مسلم بل أي إنسان ذي وجدان، وهو أنه في سنة حجة الوداع التي كان النبي ص قد أرسل فيها علي بن أبي طالب إلى اليمن والقبائل المحيطة هناك بمهمّة جباية الزكاة والصدقات.
وبعد أن قام عليّ بالمهمة المطلوبة وَجَمَعَ أموالَ الزكاة، أرسلَ إليه رسولُ الله ص يدعوه إلى الحضور لأداء مناسك الحج معه في مكة، فاضطر عليٌّ، كي يصل إلى مكة سريعًا، إلى أن يعهد بأموال الزكاة -التي كان أكثرها من الإبل والبقر والضأن وسائر المواشي- إلى أصحابه في ذلك السفر، وكان فيهم خالد بن الوليد وبُريدة الأسلمي، من كبار الشخصيات في ذلك السفر.
وبعد الانتهاء من الحج، لما عاد عليٌّ إلى القافلة وهي كانت على مشارف مكة، رأى أنهم قد تصرّفوا ببعض أموال بيت المال فوبَّخهم، فَكَبُرَ عليهم ذلك إذ كانوا يرون أنفسهم شخصيات ذات شأن ومقام، فذهبوا إلى رسول الله ص وشكَوا علياً إليه، وقالوا في شأنه أمورًا ذكرتها كتب التاريخ، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بالإساءة إلى علي والقدح به بين الناس، ولما مهّدوا بهذه الأقاويل أرضية البغض والعداوة لشخص هو حبيب الله وحبيب رسوله، رأى رسول الله ص أنه من الضروري، رداً على ما تعرّض له عليٌّ من ذمٍّ وقَدْحٍ من أمثال خالد وبُريدة أن يحذّر أصحابه من معاداة علي قبل أن يصلوا إلى المدينة وذلك في منطقة غدير خم وأن يدعوهم إلى موالاته ومحبته ويرغّبهم بها.
إن موضوع غدير خم وما جاء فيه من خطب أيًّا كانت، لا علاقة له بموضوع الخلافة والنص على عليٍّ، حتى يأتي من يفسّر تلك الخطبة على أنها كانت تعيينًا وتنصيبًا لخليفة رسول الله ووليّ عهده، لأن تعيين الخليفة وتنصيبه طبقاً لنصوص القرآن وسنة الرسول ص وسيرة المسلمين في صدر الإسلام إنما يتم من خلال الشورى، كما يدل عليه العقل والنقل والوجدان والتاريخ...
ثم ساق الأدلة التي يراها من العقل والنقل والوجدان والتاريخ... وذلك في كتابه " ردّ قرويّ على السيد المحلاتي "