شمال بابل.. المليشيات الشيعية تواصل التنكيل والتهجير بحق أهل السنة
يتعرض أهل السنة في مناطق شمال بابل إلى حملات متتالية من الاضطهاد على يد المليشيات المتنفذّة في المدينة خصوصاً بعد بداية معركة الفلوجة وخطفها الأنظار على الوضع في المدينة.
هذه المدن كانت معقلاً للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمركي منذ غزو العراق عام 2003 وكانوا يسمونها "طريق الموت" لكثرة تعرضهم لهجمات من قبل المقاومة العراقية فيها.
وبعد خروج الاحتلال الأمريكي أصبحت هذه المدن وعلى رأسها جرف الصخر والحصوة والمسيب منطلقاً للمليشيات الشيعية بسبب موقعها الاستراتيجي وقربها من محافظة الأنبار، فتعرض الأهالي فيها إلى مختلف المضايقات والانتهاكات لحقوقهم.
مليشيات تقتل وتخطف
و كشف النائب في البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار محمد الكربولي عن مقتل 1760 شخصا من أهل السنة على يد المليشيات، بعد أن أطلقت المحكمة الاتحادية سراحهم من السجون العراقية في مدينة الحلة شمال بابل وفي مدينة جرف الصخر.
وأضاف الكربولي في لقاء متلفز أن لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي وهو عضو فيها ومن خلال التحقيقات التي أجرتها منذ عام 2013 تبين بعد التحقيقات مقتل هذا العدد الهائل من المعتقلين بعد إطلاق سراحهم.
من جانبه، أصدر تحالف القوى العراقية ( أكبر كتلة سنية) بياناً حذّر فيه من تعرض المكون السني في مدينة الحصوة شمالي بابل لـ"حملة تطهير عرقي وطائفي"، مطالباً القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي باتخاذ إجراءات فورية لحمايته، فيما ناشد المرجعيات الدينية بالتدخل من خلال إصدار فتوى توجب حماية المدنيين الذين يتعرضون لـ"القهر والظلم".
وقال التحالف في بيانه إن "أبناء المكون السني في منطقة الحصوة ومنذ أن وقع الحادث الإرهابي –تفجير الملعب- قبل أكثر من شهر والذي راح ضحيته العشرات من القتلى والجرحى أغلبهم من المكون السني في المنطقة المذكورة، وهم يتعرضون لحملات شرسة من الخطف والقتل تقودها إحدى الميليشيات المعروفة التي تفرض سطوتها بالقوة على الجميع".
في إشارة إلى المليشيات المنتشرة في هذه المدن وهي مليشيا عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وكتائب حزب الله المعروفة بارتكاب جرائم ضد المكون السني وأمام أنظار القوات الأمنية التي تكتفي بفتح حوادث تحقيق دون الوصول إلى الجناة ومعاقبتهم.
التهجير القسري ورفض عودة النازحين
منذ دخول تنظيم الدولة" داعش" إلى مدينة جرف الصخر ضمن مناطق شمالي بابل، بدأ الأهالي بالنزوح والخروج من المدينة باتجاه إقليم كردستان العراق، ومنذ سنيتن ترفض الحكومة العراقية إعادتهم إلى منازلهم ومناطقهم في تحدٍ صارخ لحقوق الإنسان وانتهاكات رسمية ترتكبها الحكومة العراقية.
من جانبه حمّل رئيس لجنة المهجرين في البرلمان العراقي رعد الدهلكي الحكومة العراقية مسؤولية عودة النازحين والحفاظ على بيوتهم وممتلكاتهم.
وأضاف الدهلي في تصريح لـ"الإسلام اليوم": "أننا نتخوف من حصول تغيير ديموغرافي في هذه المدن وتوطين غير أهلها فيها، وأسباب رفض عودة النازحين هي سياسية وليست عسكرية او خدمية كما تقول الحكومة المحلية لمدينة بابل".
وتابع: "المدينة تخلو من مخلفات الحرب والعبوات الناسفة ونحن طرقنا كل الأبواب الرسمية وغير الرسمية، وأرسلنا الخطابات للحكومة والمنظمات المعنية ولكن دون جدوى".
وما زالت تتعرض هذه المناطق إلى محاولات واسعة للضغط على الأهالي لتركها لجعل هذه المدن تخلو من مكونها الأصلي وهو المكون السني والاستحواذ عليها بحسْب نازحين من هذه المدن.
وأكد النازحون – رفضوا الكشف عن أسمائهم- لـ" الإسلام اليوم" أن المليشيات الطائفية، وهي ضمن مليشيا الحشد الشعبي، تتخذ من مدنهم سجوناً لاعتقال الأبرياء من محافظة الانبار بسبب قربها من المحافظة وهو ما أكده نواب عراقيون في وقت سابق.
وأضافوا: "المدن والقرى في شمال بابل تحولت إلى سجون سرّية ومخابئ للأسلحة ومقرات لمليشيا حزب الله وعصائب أهل الحق ينطلقون منها إلى مدن أخرى وسيطروا عليها سيطرة تامة"، مشيرين إلى "وجود أكثر من 1500 شخص من (أبناء السنة) معتقلين لدى مليشيات الحشد الشعبي؛ لدواع (طائفية) داخل منازل وبساتين جرف الصخر".
وهو ما أكده النائب في البرلمان العراقي أحمد السلماني، إذ كشف عن اختطاف المليشيات أكثر من 1300 شخص من أهالي الأنبار واحتجازهم في جرف الصخر وثبت بالدليل إعدام 65 شخص منهم، وما زال الباقون لا يُعرف مصيرهم.
وعن عودة النازحين بيّنوا أنهم وصلوا لمرحلة لم يفكروا فيها بالعودة إلى مناطقهم بعد تعنّت الحكومة العراقية ورفضها، وكذلك رفض مليشا حزب الله العراقي التي لها نصيب من مفاصل القرار في هذه المدن حيث تسيطر عليها سيطرة تامة وهي أعلى سلطة فيها.
من جانبه، قال الإعلامي والباحث عز الدين الورّاق إن "ما يحدث في مدن شمال بابل انتهاكات صارخة لأدنى معايير وقوانين حقوق الإنسان المتعارف عليها وترتكبها القوات الحكومية والميليشيات المرافقة لها في ناحية جرف الصخر وشمال بابل".
وأضاف الورّاق لـ" الإسلام اليوم": "أغلب هذه الجرائم موثّقة بالصور والفيديو، تصل وبما لا يقبل للشك، إلى حدّ الإبادة الجماعية، وجميع المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية مُطالَبَةٌ بادخول إلى هذه المدن والوقوف على هذه الجرائم، وتقديم المسؤولين عنها للمحاكم الدولية، وعلى رأسهم القادة العسكريون وزعماء الميليشيات الشيعية".
واشتدت هذه الانتهاكات بعد بداية معركة الفلوجة التي خطفت الأنظار الإعلامية والمجتمعية ومنظمات حقوق الإنسان، حيث تستغل المليشيات هذا الوضع القائم فتزيد من استهدافها لأهل السنة في هذه المناطق وتنفذ مخططاتها دون التنبه لها من قبل الحكومة العراقية التي ربما تحتج بعض الشيء، وهذه سياسة مليشياوية متبعة دائماً حيث تستغل الأوضاع المرتبكة في بعض المناطق لتنفيذ مخططات في مناطق أخرى.
المصدر: الاسلام اليوم