الغارديان: خامنئي والسيستاني يتصارعان على للسيطرة على العراق
عندما فشل حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي هذا الأسبوع في استبدال مجلس وزراءه الفاسد بمجموعة جديد من الإصلاحيين فإن أصداء هذا الأمر تجاوزت بغداد، ففي جنوب البلاد وعلى بعد 100 ميل وعلى وجه التحديد في النجف استشاط أية الله علي السيستاني غضبا.
وكان السيستاني البالغ من العمر 86 عاما والذى يعد الشخصية الأكثر نيلا للاحترام في أوساط الأغلبية الشيعية في العراق يأمل بشدة في أن يمارس العبادي شكلا من أشكال السيطرة على الطبقة السياسية فى البلاد والوجود القوي لإيران فيها.
وأضافت الصحيفة أنه عبر الحدود وفي مدينة "قم" المقدسة في إيران، تم رصد هذا الفشل أيضا لكنه لم يثير الإهتمام بالقدر نفسه.
وأشارت الغارديان وأنه على مدى ما يزيد على 13 عاما وإيران تعد صاحب مصلحة رئيس فى بغداد؛ بيد أنه خلال الثلاثة أعوام الماضية على وجه الخصوص فإنها باتت تضطلع بدور أكبر فى تشكيل النتائج السياسية من دور الكثير من العناصر الأكثر نفوذا وتأثيرا فى العراق.
وتابعت الصحيفة تقول إنه بعد الفشل الثاني للعبادي خلال أسبوعين يصرح كبار المسئولين المقربين من السيستاني بأن آماله التي كان يعقدها على نجاح العبادي الذي تم تعينه في منصبه أواخر عام 2014 في تطبيق الإصلاحات التي يرى أنها ضرورية لبقاء دولة العراق، تتبدد على وجه السرعة.
والأسوأ من ذلك أن أحدا غيره لن يستطيع ذلك أيضا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال ما يزيد على عقد من الزمان على الإطاحة بالنظام الاستبدادي الذى كان يرأسه صدام حسين والعراق منقسم على نفسه جراء الأزمات المتلاحقة التي يرى الكثير من المراقبين أنه يتعذر إدارتها.
ولفتت الصحيفة إلى أن الفساد المستشري الذي يطول الطبقة السياسية التي تم تعيينها على أسس طائفية أسفر عن إهدار البلاد لثروتها الاقتصادية الطائلة والتي تعجز عملية ضخ البترول غير المسبوقة عن تعويضها لاسيما في ظل انخفاض أسعارا البترول بنسبة 70% عن المستويات المرتفعة التي وصلت إليها خلال الثلاثة أعوام الماضية.
وترى الصحيفة أنه إضافة إلى ذلك، فإن هناك حربا شعواء ضد تنظيم الدولة الذي أرهق الجيش العراقي وكبده خسائر فادحة ونهب وسلب بعضا من المدن العراقية وعرض حدود العراق للخطر وكشف عن ضعف وهشاشة الدولة ما بعد صدام حسين، ويبدو أن هناك آمالا ضعيفة يتم عقدها على إمكانية أن يصبح العراق دولة ذات سيادة.
وقالت الغارديان إن هذا القلق يعد سببا رئيسا وراء الغضب الذي شعر به السيستاني، فطالما كانت النجف قاعدة سلطته ومركزا للجاذبية للشيعة فى العراق الذين يقودهم السيستاني، وفي الوقت نفسه فإن "قم" باتت على وجه التحديد منذ اندلاع الثورة الإسلامية في عام 1979 رمزا للمشروع الديني والسياسي لإيران.
وأضافت الصحيفة أنه منذ 2003 بات مركزا التعليم الشيعي في النجف وقم قاعدتين متنافستين للسلطة، واشتدت المنافسة الآن، ويجد السيستاني الذي لم يكن يهتم بالسياسة طيلة حياته نفسه في صراع مع الزعيم الشيعي لإيران أية الله علي خامنئي لتحديد من هو المسئول الذى سيتولى مقاليد الأمور فى العراق.
وأشارت الصحيفة إلى ما قاله على خضيري وهو مستشار سابق للسفراء الأمريكيين لدى العراق وقادة الجيش :"إنها قضية تقلق كل إدارة منذ العقد الماضي أو ما يزيد على ذلك، بيد أنها باتت أكثر حدة وبروزا منذ عام 2010".
وأضاف الخضيري قائلا:"ويدرك السيستاني الآن تمام الإدراك أن نطاق النفوذ الإيراني وصل إلى مستويات جديدة. إن الأمر يتعلق بالقوة والنفوذ والسيطرة على ما تبقى من الدولة".
وأكدت الصحيفة على أنه في الوقت الذي يناضل فيه العبادي لفرض إرادته فإن الزعيم السابق له نوري المالكي يقوى سلطته باستمرار، ذلك أن الميليشيات الشيعية التي تم تنظيمها تحت راية جبهة الحشد الشعبي تعد تابعة له وهو مقرب على وجه الخصوص من إيران.
وأشارت الصحيفة إلى ما قاله إياد علاوي نائب الرئيس الأسبق للعراق لها أوائل هذا العام :"إن إيران تقوي من ساعده(الحشد الشعبي) حتى يصبح شبحا تخيف به العبادي. ولا يستطيع فعل أي شىء حياله".
وأكدت الغارديان على أن الحشد الشعبي لا يزال يضطلع بدور مهيمن فى الكثير من الاشتباكات ضد تنظيم الدولة في الكثير من المناطق فى العراق، وغالبا ما يتفوق على الجيش العراقي فى هذا الصدد، وعلاوة على ذلك فإن كل الفصائل التابعة للحشد الشعبي تقريبا يقودها عملاء لحرس الثورة الإيرانية.
ولفتت الصحيفة إلى أن مقتدى الصدر وهو قائد أحد أكثر الفصائل الشيعية المهيمنة فى العراق يعد استثناءً فى هذا الصدد. ويعد الصدر وهو رجل دين كان أداة نافعة في الحرب الطائفية التي اندلعت خلال الفترة من 2005 إلى 2008 والتمرد المناهض للولايات المتحدة الصوت الأعلى فى البلاد الذي يدعو لتطبيق الإصلاحات السياسية.
ونقلت الصحيفة عن مسئول عراقي كبير رفض نشر اسمه أن السيستاني غاضب من فشل العبادي لأنه يضر بقيادته للشارع العراقي التى لم تكن محل شك من قبل ويتم اختبارها للمرة الأولى الان، لاسيما وأنه من اصدر الفتوى التي تجيز تشكيل الميليشيات فى يونيو 2014 ومن خلال ذلك يكون قد قدم الغطاء لإيران ويعلم الآن ما كان يعنيه ذلك، إنها دعوة لإيران للسيطرة على العراق فى الكثير من النواحي، ويرى المسئول أن بقاء العبادي سيكون أمرا سيئا للسيستاني والعراق بيد أن رحيله قد يسفر عن تداعيات أكثر سوءًا.
المصدر : قسم الترجمة - الاسلام اليوم