العراق.. فراغ دستوري وإيران تستنفر مليشياتها تحسباً لأي طارئ
تسود العاصمة العراقية بغداد حالة من القلق والترقب بعد دخول البلاد حالة فراغ دستوري إثر عدم انعقاد جلسة مجلس الوزراء اليوم، الأحد، وتأجيلها لإشعار آخر، كما هو حال مجلس النواب المتوقف منذ عشرة أيام على خلفية الأحداث الأخيرة واقتحام مبنى المجلس من قبل أتباع التيار الصدري، وإشاعة الفوضى فيه، في حين شهدت بغداد انتشاراً واسعاً لمليشيات ترفع الأعلام الإيرانية مدججة بالسلاح خلال اليومين الماضيين.
لماذا توقف مجلس النواب؟
بعد تصويت النواب المعتصمين على قرار إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري انقسم المجلس إلى ثلاثة أقسام، المؤيدون للإقالة وهم نواب حزب الدعوة وبعض الكتل المختلفة، والمعارضون لها وهم نواب تحالف القوى السنية، والواقفون على الحياد وهي كتل مختلفة من بقية الطوائف العراقية.
القوى الكردستانية انسحبت من البرلمان أيضا احتجاجاً على عدم ترشيح أكراد في كابينة العبادي الجديدة والتي صوّت مجلس النواب على ستة وزراء منها، ويُنتظر انعقاد المجلس لاستكمال التصويت على الباقين، ومن ضمنهم وزراء أكراد، فالتحالف الكردستاني يرفض إقالة وزراءه في الحكومة السابقة ولا يحضر جلسة مجلس النواب إذا كانت تتضمن التصويت على إقالتهم باعتبار أن وجود الأكراد في الحكومة حق لمكون وليس لحزب.
وبعدَ تعليق النواب الأكراد حضروهم في البرلمان العراقي قام رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بزيارة إلى مدينة السليمانية شمال العراق في محاولة لإقناع الكتل الكوردستانية بالعودة إلى المجلس لإكمال النصاب وعقد الجلسة التي ستعيد الروح إلى البرلمان، لكن مختصين في الشأن الكوردي قلّلوا من إمكانية موافقة الأكراد العودة إلى البرلمان إلا بشروط.
وعزا الباحث والمتخصص في الشأن الكردي سامان نوح السبب إلى ضعف حكومة بغداد وعدم امتلاكها رؤية واضحة لتجاوز المشاكل، مشيرا إلى أنه "ما لم تحسم الأمور في بغداد من قبل أطرافها المتنازعة لن يكون لعودة الكرد معنى خصوصاً بعد تعرض النواب الكرد للضرب والتهديد في حادثة اقتحام البرلمان، فلم تعد عودتهم ممكنة سياسياً وشعبياً، كما أنها غير مجدية عملياً".
وأكد نوح لـــ"الإسلام اليوم" أن "الأمر يتعلق أولا بمتوافقات في بغداد لجمع النواب الشيعة والسنة والاتفاق على خطة حل قبل إقناع الأكراد، أو الضغط عليهم أمريكيا أو إيرانياً للرجوع إلى بغداد".
وأضاف أن "الأكراد ومنذ أيام حددوا شروطا مسبقة للعودة، مثل اتفاق جديد على إدارة الدولة وتطبيق المادة 140 ودعم البيشمركة (قوات كردية رسمية)".
لماذا توقف مجلس الوزراء؟
بعد جلسة مثيرة للجدل لمجلس النواب برئاسة سليم الجبوري قبل نحو أسبوع صوّت المجلس على إقالة 6 وزراء واستبدلهم بآخرين من التكنوقراط، لكنهم لم يؤدوا اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، فأصبح مجلس الوزراء أيضا منقسم، فالوزراء السابقون مقالون والوزراء الجدد لم يؤدوا اليمين الدستوري فلا يحق لهم حضور جلسات مجلس الوزراء ولا يمكن عقد جلسة للمجلس إلا باستكمال النصاب وهو ما دعا العبادي لتأجيلها أكثر من مرة كان آخرها اليوم، الأحد.
من جانبها، حذّرت الأمم المتحدة من تفاقم الأزمة على لسان مبعوثها في العراق يان كوبيش، حيث قال أمام مجلس الأمن في الجلسة التي عقدت لمناقشة وضع العراقي "إن البلاد تعيش اليوم حالة شلل وتعطيل في عمل الحكومة والبرلمان بسبب الأزمات السياسية العميقة".
ويرى سياسيون عراقيون أن اقتحام البرلمان من أتباع التيار الصدري يعني سقوط الدولة العراقية، ومن يدير الأمور اليوم هي جهات خارجية.
وقال السياسي العراقي عن حزب البديل أياد الجبوري أنه " بسقوط البرلمان في يد المتظاهرين الصدريين أُعلن سقوط الدولة العراقية، وأصبح العراق اليوم بيد عصابات إيران، والآن هي من تسيطر على العاصمة وتعتقل وتحاسب، وكل الأجهزة الأمنية تحت إمرتها وحتى لو عقد البرلمان ومجلس الوزراء جلستيهما في بغداد أو خارجها فليس بيدهم أي سلطة".
وأضاف الجبوري في تصريح لـــ"الإسلام اليوم" أن "إيران دخلت على الخط وبكل قوة مستخدمة أذرعها من المليشيات التابعة لها والحشد الشعبي للهيمنة على مقاليد الأمور ومنعاً لها من الانفلات أو حدوث ثورة شعبية، ولعل تصريح مستشار خامنئي اكبر دليل على ذلك وانتشار المليشيات الواسع في بغداد يوضح الأمور أكثر ولا ننسى استدعاء مقتدى الصدر إلى طهران".
وأشار إلى أن "هذه الخطوات المتسارعة من قبل إيران لربما هي خطوة استباقية لمنع أي تحرك للتحالف الإسلامي مستقبلاً بخصوص العراق".
وقد شكلت هذه الأحداث مفاجأة سياسية وميدانية وانزعاج إيراني وخوفاً من فشل المشروع التوسعي الذي يسعى إليه المسؤولون الإيرانيون في المنطقة، وتأثير هذه التظاهرات والشعارات على أدواتهم وأذرعهم في بغداد.
وفي ظل هذه الفوضى هاجم علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، في تصريحات صحفية مقتدى الصدر وأنصاره بشأن اقتحامهم الأخير مبنى البرلمان، واصفاً إياه بأنه "تحرك غير قانوني" متهماً أطرافاً لم يسمها بـ"محاولة تغيير المعادلة في البلد"، لافتاً إلى أن إيران ستمنع كل المحاولات التي تهدف إلى تهديد أمن العراق.
وفي هذه الأثناء شهدت بغداد خلال اليومين الماضيين تحركات واسعة لمليشيات الخرساني، بقيادة علي الياسري الذي أعلن أن هذه السرايا تتبع ولاية الفقيه في إيران ولا تتبع حكومة بغداد التي لم تعلن ولاية الفقيه تأيدها، وقد شوهدت تنتشر في مناطق بغداد خصوصاً قرب المنطقة الخضراء والمناطق المهمة في العاصمة بغداد، وهم مدججون بالسلاح ويستقلون سيارات عسكرية ومدنية، ويرفعون أعلام إيران وقد وُثق هذا الانتشار في بغداد من قبل ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي مطلقين حملة بعنوان #علمي_هويتي عبّروا فيها عن اعتزازهم بالعلم العراقي ورفضهم لهذه الممارسات الطائفية.
أما فيلق بدر المعروف بتشكله في إيران إبان الثمانينات فقد أعلن انتشاره في حزام بغداد (مناطق سنية) بحجة التحوط من استغلال داعش للظروف السياسية المتأزمة واحتلال بغداد.
وعلى وقع هذه الأزمات يترقب العراقيون وضع بلدهم بعيون يملؤها الأسى، في ظل المشاكل التي تعصف بهم من الناحية الاقتصادية والأمنية، بالإضافة إلى أن هناك 3 ملايين نازح ينتظرون الفرج.
المصدر: الاسلام اليوم