الشيعة في تونس
الكاتب : نور الدين المباركى
المصدر: دنيا الوطن – 24/ 1/2007
ارتفعت مؤخرا أصوات في عدة دول عربية (الجزائر- المغرب – مصر- السودان – الأردن... الخ)، تنبه إلى انتشار ظاهرة التشيع و تحذر من توسعها.
و ذكرت عدة صحف و مجلات عربية اهتمت بالموضوع أن تونس من بين البلدان التي يشهد فيها "المذهب الشيعي توسعا ،خاصة خلال السنوات الأخيرة". و مع ذلك فإن هذه المسألة مازالت غير مطروحة رسميا و إعلاميا، إذ لم يصدر أي موقف يشير إلى ذلك و ينبه إلى هذا الأمر باستثناء بعض الكتابات المحدودة على شبكة الإنترنيت.
و هناك عدة تفسيرات لهذا الأمر : فثمة من يقول إن حرية المعتقد أمر يكفله دستور البلاد و إن الدولة لا تتدخل في معتقدات الناس و المذاهب التي يعتنقونها .
و هناك من يرجع الأمر إلى" طبيعة التونسيين " المتسامحة و قدرتهم على التعايش مع بعضهم البعض، بقطع النظر عن المعتقدات و المذاهب.
فيما يرى البعض الآخر أن هذا "الصمت الرسمي" على انتشار التشيع في تونس مرده العلاقات بين الحكومة التونسية و الحكومة الإيرانية . و هي علاقات تو طدت خلال السنوات الأخيرة.
عدد شيعة تونس و انتشارهم
لا تتوفر أرقام رسمية حول عدد الشيعة في تونس ، غير أن الدكتور محمد التيجاني السماوي و هو أحد رموز التشيع يقدر عددهم ب"مئات الآلاف"، و يقول إنهم منتشرون في أغلب محافظات البلاد، و يمارسون شعائرهم و طقوسهم بحرية و دون أن يتعرضوا إلى أي نوع من المضايقات.
و يقول أيضا إن عدد الشيعة (المذهب الجعفري) كان لا يتجاوز العشرات في أواخر الستينات و بداية السبعينات ، لكنهم بدؤوا في التوسع و الانتشار بفضل الدعاة و توفر المراجع و الكتب الشيعية ، إلى أن بلغوا هذه المرحلة.
و لا يخفي أنه قام في هذا الصدد بدور هام ، و يقول إن المرجع الشيعي المعروف محمد باقر الصدر لقبه ب"بذرة التشيع ، أي نبتة غرست في تونس فكانت مباركة و أتت أكلها كل حين.."(1).
ويرى شيعة تونس أن مذهب "آل البيت" ليس غريبا عن البلاد و أن جذوره تعود إلى" آلاف السنين".
و من خلال بعض وثائقهم و كتاباتهم ، يمكن تقسيم انتشار التشيع في تونس إلى أربعة مراحل كبرى ، هي:
* المرحلة البربرية ، و البربر هم سكان تونس الأوائل، فبالنسبة لهم كان للبربر في تونس"ولاء عظيم لأهل البيت و لهم فيها ثورات ، و بالخصوص في زمن استشهاد الإمام الحسين ، وجرى عليهم القتل و السبي مثل ما جرى على أهل المدينة من قبل السلطة الأموية آنذاك.."(2).
* مرحلة الدولة الفاطمية (910 – 973 م) و تأسيس المهدية (921م) التي انتشر خلالها التشيع في تونس.
* مرحلة أواخر الستينات و بداية السبعينات ، وعرفت هذه المرحلة بدخول المذهب الجعفري ، ويعد الدكتور محمد التيجاني السماوي أحد أهم رموزها ، يقول في هذا الصدد:"..إن الشيعة انقرضت منذ عهد الفاطميين و لم يعد لها أثر ، و من ثم ظهرت من جديد ، ولكن ليس بالطريقة الفاطمية التي كانت إسماعيلية باطنية ، إنما بالطريقة الحقيقية لمذهب الإمامية الإثني عشرية الجعفرية.."(3).
* مرحلة الثمانينات ، أي مباشر ة بعد انتصار "الثورة الإسلامية في إيران"، و يسميها السيد عماد الدين الحمروني(رئيس جمعية أهل البيت الثقافية و هي جمعية شيعية) بمرحلة " التشيع الحديث "، يقول " لقد ظهر التشيع الحديث مع ظهور داعي الله الإمام السيد الخميني و أول ظهور كان في بداية الثمانينات تحت اسم "المسلمين السائرين على خط الإمام".
و اللافت للانتباه أن السيد عماد الحمروني عند حديثه عن "التشيع الحديث " في تونس ، يوجه انتقادات "جارحة" لكل من الدكتور محمد التيجاني السماوي و مبارك بعداش( أحد رموز التشيع في تونس) و يقول" إن العاملين في سبيل المذهب الحق في بلادنا و منذ أكثر من عشرين عاما لم يروا أي جهد قام به كل من التيجاني السماوي و مبارك بعداش غير زرع الفتن و بث الفكر الطائفي و معاداة خط الولاية و لقد انتهجا سياسة خالف تعرف.."(4).
علاقتهم بالشأن الوطني
لا يعرف للشيعة في تونس أي نشاط علني يمكن من خلاله تتبع مواقفهم و أرائهم في الشأن الوطني ، وهو ما يجعل البحث في هذه المسألة تعترضه عدة عراقيل ، هذا بالإضافة إلى التباين الواضح بين رموزهم في كيفية التعامل مع الشأن الوطني و التدخل فيه.
فالدكتور محمد التيجاني السماوي يقول " لا يوجد في تونس أية صحيفة ناطقة باسم الشيعة ، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية ، ولكن نحن بحمد الله نتواصل مع و على مذهب الحق في تونس...نحن لا نطالب لا بمسجد و لا حسينية و لا صحيفة لأن الأمور تجري رويدا رويدا .... أنا لا أتدخل في شؤون الحكم و الحكام و لدي مهمة أسمى من ذلك بكثير ، ألا وهي تقديم النصيحة و كشف الحقيقة.."(5).
ويقول أيضا "...عل علمي أنه ليس هناك أي عائق يعترض التشيع في تونس على شرط أن تكون الدعوة بالحكمة و الموعظة الحسنة ..و أن نتجنب التعرض للنظام القائم و لا نتآمر عليه.."(6).
إذا كان هذا موقف الدكتور محمد التيجاني السماوي أي عدم التدخل في الشأن الوطني و اقتصار دور الشيعة على الدعوة ل"مذهب آل البيت" ، فإن موقف السيد عماد الدين الحمروني غير ذلك .
فهو يرى أن شيعة تونس يهمهم الشأن الوطني و يتدخلون فيه، بل أنه يقول" إن التونسيين المنتمين إلى مدرسة أهل البيت و منذ الثمانينات من القرن الماضي متواجدون على الساحة الوطنية و شاركوا مشاركة فاعلة لإسقاط النظام البورقيبي... وإننا الفريق الوحيد الذي لم يسارع في 1987 لتأييد "انقلاب" السابع من نوفمبر ، بل أصدر البيانات في الداخل و الخارج للمطالبة بالعفو التشريعي العام و احترام الدستور و إعادة الحكم للشعب..."(7).
و في الظرف الراهن ينادي السيد عماد الدين الحمروني ب" بروز حركة وفاق وطني من جيل ما بعد الاستقلال و إحياء الفكر الوطني الحر و الدفاع عن الانجازات الوطنية و أهمها الدولة و الدستور و الدعوة إلى توزيع عادل للثروة و تشجيع الثقافة الوطنية.."(8).
كما أنه يقدم تقييمه لأداء المعارضة التونسية ( الليبرالية و اليسارية و الإسلامية )، يقول :" إن ارتباط المعارضة الليبرالية و اليسارية بالخارج و ارتباطها فكريا و تنظيميا بالمؤسسات و الأحزاب و المنظمات الغربية خصوصا الفرنسية أضعف مصداقيتها و أبعدها عن ثقافة الشعب ، إضافة إلى ارتماء الإسلاميين في حضن الحركة الوهابية جعلهم مرتعا لظهور و تمكن الفكر السلفي الطائفي.."(9).
و إذا كان الدكتور محمد التيجاني السماوي ير ى أنه لا يوجد أي عائق يعترض التشيع في تونس و يفسر ذلك بأن "الدولة أعطت الحرية لكل إنسان بأن يكون شيعيا أو سنيا أو حتى شيوعيا ، و أن يكون ما يكون ...الحرية مسموحة بشكل مطلق و لا اعتراض من قبل الدولة.."(10).فإن بعض المتشيعين يعتبرون أن طريقهم لم يخل من العراقيل و المضايقات بسبب اعتناقهم مذهب "آل البيت".
يقول محمد الرصافي :" لم يخل طريقي من بعض العراقيل والأشواك، فقد اعتقلت في 7 أوت 1985م وحقق معي بشأن تشيعي وأطلق سراحي بعد 14 يوماً، ثم وقع طردي من العمل في 4 جانفي 1986م، ثم اعتقلت مرة أخرى في 21 أوت 1986 ولم يطلق سراحي إلاّ في 19 سبتمبر من نفس السنة، ثم وقع إعادتي إلى العمل بعد "انقلاب" السابع من نوفمبر تهدئة للأجواء في البلاد، ثم اعتقلت سنة 1991م ثلاثة أيام، تعرّضت خلالها للتعذيب ظلماً وعدواناً، ثم تعرّضت للطرد من عملي هذه المرة نهائياً سنة 1992 ثم اعتقلت سنة 1994 خمسة أيام وأطلق سراحي... فقد انقطعت سبل العيش في بلدي، ولم يعد بإمكاني أن استمر على تلك الوتيرة، مسلوب الحرية مضيقاً على لقمة عيشي، ولا علاج لذلك سوى اللجوء إلى إحدى الدول التي تتوفر فيها بعض الحرية.." (11).
كيف تشيعوا؟
تكشف كتابات بعض الشيعة في تونس على شبكة الانترنيت، الظروف التي انتقلوا فيها من المذهب السني(المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري.
فالدكتور محمد التيجاني السماوي يقول إن نقاشا تمّ بينه و بين أستاذ جامعي عراقي(شيعي) على متن باخرة كانت تقوم برحلة بين الإسكندرية و بيروت، وأن هذا النقاش كان مقدمة لطرح الأسئلة و البحث في مذهب آل البيت ، خاصة أنه اكتشف جهله لهذا المذهب. ويقول أن نقاشه فيما بعد مع عدد مع المراجع الشيعية(الخوئي و محمد باقر الصدر) و مطالعته للكتب و المراجع الشيعية التي أرسلت له من العراق جعلته يقتنع بهذا المذهب و يعتنقه.
أما السيد مبارك بعداش فإن قصة اعتناقه المذهب الشيعي ، انطلقت بعد أن عجز عن الإجابة عن عدّة أسئلة تدور بذهنه"... وكنت خلال هذه الفترة أبحث عمّا يشبع روحي ويروي ظمأى ويوقظ فطرتي ويجعل وجداني ممتلئ بشهود الله تعالى..." إلى أن وجّهه أحد أصدقائه للاتصال بجماعة أهل البيت ، فربما يجد إجابات عن أسئلته.
ويقول إنه في أول لقاء مع هؤلاء وقف على جهله بالسيرة النبوية، وهو الذي كان يعتقد أنه ملمّ بها...و أنه عجز عن الإجابة عن الأسئلة التي طرحت عليه و لم يجد لها إجابات في مراجع السنة . وكان ذلك منطلقا لمراجعة معارفه و قراءة السيرة النبوية بعين أخرى ، أي من مصادر الشيعة، فوجد الإجابات التي كان يبحث عنها و "عاد إليه توازنه".
و في خصوص السيد عماد الدين الحمروني ، فيبدو أنه ينتمي إلى عائلة شيعية في الجنوب التونسي، يقول" إن أجدادي في الجنوب التونسي هم من شيعة آل محمد، قبل أن تصبح إيران شيعية في القرن السادس عشر ميلادي.."(12).
فيما لا يخفي عدد آخر من المنتمين للمذهب الشيعي أن علاقاتهم بأقربائهم و أصدقائهم ، كانت وراء تحولهم من المذهب السني (المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري.(13)
و طبعا لا يمكن إهمال دور الدعاة في هذا الصدد، يقول الدكتور محمد التيجاني السماوي"...لقد تشيّع معي كثر من الأصدقاء الذين أصبحوا دعاة... بدأنا بالعشرات و أصبحنا آلاف مؤلفة بل تفوق مئات الألوف.."(14).
و اللافت للانتباه أن أغلب هؤلاء بعد "استبصارهم" و اعتناقهم مذهب آل البيت أصبحوا ينظرون نظرة "دونية" للمذهب السني لا تخلو من " السخرية " و" عدم "الاحترام".
فالدكتور محمد التيجاني السماوي يروي في كتابه "ثم اهتديت"، رحلته إلى النجف و كيف التقى في أحد المساجد "مجموعة من الصبية " يرتدون العمائم عجز عن محاججتهم لغزارة علمهم و هو الذي قال له أحد شيوخ الأزهر "إن مكانك الأصلي هنا بيننا " بعد أن وقف على علمه و إلمامه بأمور الدين.
يقول الدكتور محمد التيجاني السماوي" أدخلني صديقي إلى مسجد في جانب الحرم مفروش كلّه بالسجاد، وفي محرابه آيات قرآنية منقوشة بخط جميل، ولفت انتباهي مجموعة من الصبيان المعممين جالسين قرب المحراب يتدارسون وكل واحد بيده كتاب فأعجبت لهذا المنظر الجميل ولم يسبق لي أن رأيت شيوخاً بهذا السن… طلب إليهم صديقي أن أجلس معهم ريثما يذهب للقاء(السيد) ورحّبوا بي وأحاطوني بنصف دائرة… سألوني من أي البلاد أنا، قلت: من تونس، قالوا: هل يوجد عندكم حوزات علمية؟ أجبتهم: عندنا جامعات ومدارس، وانهالت عليّ الأسئلة من كل جانب، وكلها أسئلة مركّزة ومحرجة، …وسألني أحدهم: ما هو المذهب المتّبع في تونس؟ قلت: المذهب المالكي… قال: ألا تعرفون المذهب الجعفري؟ فقلت: خير إن شاء الله، ما هذا الاسم الجديد؟ …وابتسم قائلاً: عفواً
إن المذهب الجعفري هو محض الإسلام… وعجبت لهذا الصبي الذكي يحفظ ما يقول مثل ما يحفظ أحدنا سورة من القرآن، وقد أدهشني أكثر عندما كان يسرد عليّ بعض المصادر التاريخية التي يحفظ عدد أجزائها وأبوابها، وقد استرسل معي في الحديث وكأنه أستاذ يعلّم تلميذه، وشعرت بالضعف أمامه، وتمنيت لو أنّي خرجت مع صديقي ولم أبق مع الصبيان، فما سألني أحدهم عن شيء يخص الفقه أو التاريخ إلاّ عجزت عن الجواب… وبقيت معهم أحاول تغيير الموضوع فكنت اسألهم عن أي شيء يلهيهم عن مسألتي… لأني عجزت وشعرت بالقصور، ولكن هيهات أن اعترف لهم وإن كنت في داخلي معترفاً، إذ أن ذلك المجد والعز والعلم الذي ركبني في مصر تبخر هنا وذاب، خصوصاً بعد لقاء هؤلاء الصبيان… وتصورت أن عقول هؤلاء الصبيان أكبر من عقول أولئك المشايخ الذين قابلتهم في الأزهر وأكبر من عقول علمائنا الذين عرفتهم (في تونس) (عن كتابه ثم اهتديت: ص 49 ـ 51).
أما السيد مبارك بعداش و هو أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية في تونس (سنية) و تشيع فيما بعد ، فيقول بعد أن بلغ خبر تشيعه إلى قيادات الجماعة " قال لي راشد( يقصد راشد الغنوشي): هنيئا! هل تشيعت؟ فقلت له: إنني أسألك عن ثلاثة أمور فإن أجبتني عنها تخليت عن التشيع.
فقال: لا أريد أسئلتك لأنّنا لا نستطيع أن نجاري الشيعة في النقاش والحوار، فهم حزب قد شيدوا معتقدهم وأحكموا بناءه منذ زمن قديم، ولهم تاريخ حافل من أيام الإمام عليّ (عليه السلام) !.
فاستغربت من جوابه! وكان اعترافه هذا محفّزاً لتمسكي بالتشيع، وذلك لأنّني كنت أظن أنّ الشيعة أضعف منّا، وإذا برائد حركة الأخوان في تونس يقرّ بضعف العامة ـ قديماً وحديثاً ـ أمام الإمامية، فوجدت من غير اللائق لأيّ عاقل أن يتسلح بالعصا ويترك السيف!."(15)
العلاقات مع إيران
بعض الأصوات التي ارتفعت في عدد من البلدان العربية تحذر من التوسع الشيعي لم تخف أن وراء هذه الظاهرة يقف " مخطط الإيراني للنفوذ والهيمنة" و أنها تعكس "تسلل و خطورة المشروع الإيراني في المنطقة". لكن أيضا هناك من قلل من أهمية الدور الإيراني معتبرا أن" هذه الانتقادات، مبالغ فيها و أن العالم الإسلامي يحتاج إلى التفاهم والتجانس، وأن آخر ما يحتاجه هو هذه الاتهامات المتبادلة".
و في تونس يرفض السيد عماد الدين الحمروني أن يكون شيعة تونس "صناعة خارجية "و يقول " إننا و عقيدتنا صناعة تونسية مائة بالمائة، و لسنا قوم تبع و لا جئنا بدعم خارجي و لا نمثل مصالح أجنبية ..." و لكنه يضيف "...إننا نعتز بالدولة الإسلامية في إيران فهي مفخرة كل مسلم.."(16).
غير أن هناك من يشير إلى دور إيراني في دعم شيعة تونس و هو دعم معنوي بالأساس و يتمثل في توفير المراجع و الكتب الشيعية و تمكين الراغبين في مواصلة دراستهم في الحوزات العلمية...الخ و يقدمون في هذا الصدد عدة دلائل:
- إن الدكتور التيجاني السماوي يعترف أن محمد باقر الصدر لقبه ببذرة التشيع التي غرست بتونس، كما أن عدة وثائق في مواقع الشيعة الجعفرية على شبكة الانترنيت تربط بين انتشار هذا المذهب في تونس و بين " رحلة التيجاني السماوي الشهيرة إلى النجف".
- وجود عدد من التونسيين الذين يدرسون بالحوزات العلمية في إيران و منهم من رجع خلال المدة الأخيرة إلى تونس.و يقول السيد عماد الحمروني في تدخل له على الموقع الالكتروني ل"شيعة الجزائر":" نحن ننتظر رجوع الإخوة الذين يدرسون في قم وسورية ومن هناك ستكون الانطلاقة الفعلية إن شاء الله" و يقول أيضا على الموقع ذاته:" أعلمك أني التقيت بإخوتنا من طلاب العلم في قم المقدسة من تونس و الجزائر و المغرب و دعوتهم إلى الاهتمام بشؤون التبليغ و التواصل مع إخوتهم من بني قومهم إننا و من خلال تكليفنا الشرعي أسسنا هذا العام جمعية أهل البيت الثقافية بتونس حتى تكون صوت المؤمنين الموالين في بلادنا وهي خطوة أولى لإحياء التشيع في بلاد المغرب الإسلامي.."(17)
- ثمة حادثة يرويها شيعي تونسي و هو السيد محمد العربي التونسي( تشيعّ في أواخر السبعينات) ، يقول متحدثا عن الظروف التي اعتنق فيها المذهب الشيعي، إنه التقى طالبا إيرانيا يدرس بإحدى الكليات التونسية و أن هذا الطالب هو من عرفه على الدكتور محمد السماوي، يقول:" قال لي: إذا كنت تريد أن تعرف أكثر عن الشيعة فأنا أعرف شيخاً شيعياً تونسياً في بلدكم هذه.
فسألته: ما اسمه.
فقال لي: اسمه محمد التيجاني السماوي مؤلف كتاب (ثم اهتديت) وغيره..
عندها ذهلت ولم أصدق.
وقلت له: في بلدنا تونس شيخ شيعي ولم أسمع به ماذا تقول يا أخ؟.
فقال لي: نعم في تونس ومن مدينة قفصة. وموجود حالياً في مدينة قفصة، وكان وقتها يدرّس في الثانوية التقنية."
ويضيف أن هذا الشاب الايراني هو من اتصل بالدكتور محمد التيجاني السماوي الذي حضر الى العاصمة و رتب اللقاء بينهما .
ويقول السيد محمد العربي التونسي أنه طلب من الدكتور السماوي أن يقيم معه بمنزله غير انه أجابه" لا أريد أن أثقل عليك فأريد أن أمكث بعض الأيام في الفندق، لأتمكن من الدعوة والاتصال لمن يريد الحوار والبحث عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) وعن التشيع.
فقلت له: هذا بيتي تحت تصرفك حتى ولو أردت أن تمكث شهراً أو شهرين. فالتفت وقال للأخ الإيراني محمد النبهاني: أنت احضر وأعطي موعداً للطلبة في الجامعة لمن يريد الحوار أو الاستفسار عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فاتصل الأخ الإيراني هاتفياً إلى بعض الطلبة وقال لهم: إن الشيخ التيجاني موجود حالياً في العاصمة (تونس) ومن يريد الحوار معه أو اللقاء فهو جاهز، وأخذ معه موعد في جامع يسمى بـ)سبحان الله) يوم الجمعة بعد صلاة العصر"(18)
- إن الحكومة التونسية أقدمت في الثمانينات على قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على خلفية"دعم إيران مجموعات الإسلاميين التي كانت تنشط آنذاك ضد النظام في تونس". وقد أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا في 1990
و لابد من الإشارة هنا أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة التونسية كانت متزامنة مع حملتها ضد حركة الاتجاه الإسلامي(النهضة حاليا)و هي حركة سنية .و كانت هذه الحركة ساندت الثورة الإسلامية في إيران و قامت بالدعاية لها في تونس.
ملاحظات لابد منها
- إن الحديث عن الشيعة في تونس لا يجب أن يدفع إلى الاعتقاد أنهم يشكلون "طائفة" بما يفتح الأبواب أمام الحديث عن "الطائفية" في تونس.هذه المسألة غير مطروحة بالمرة في تونس التي عرفت بوحدة أبنائها و نبذهم لكافة مظاهر التفرقة على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي أو قبلي أو جهوي.
- إلى جانب الشيعة توجد في تونس أقليات أخرى منها "الإباضية " و الجالية اليهودية و المسيحية و كلها تمارس طقوسها و شعائرها بحرية دون أن يشكلوا أي تهديد للنسيج الاجتماعي .
الهوامش
(1):حديث للدكتور السماوي مع وكالة" إباء-الوكالة الشيعية للانباء"
(2): من موقع "الشيعة في العالم".
(3):من حديث الدكتور السماوي لوكالة إباء.
(4):مداخلة في منتدى"شيعة الجزائر" بتاريخ 8 ماي 2004
(5):من حديث الدكتور السماوي لوكالة الأنباء إباء.
(6):مداخلة للدكتور السماوي في منتدى"يا حسين " بتاريخ5 أكتوبر 2004
(7):مداخلة للسيد عماد الدين الحمروني في المنتدى الكتابي لموقع "الحوار.نت" بتاريخ 30 ديسمبر 2006.
(8): المصدر نفسه بتاريخ 29 نوفمبر 2006-12-2006.
(9):المصدر نفسه بتاريخ 30 ديسمبر 2006.
(10): مداخلة الدكتور السماوي في منتدى " يا حسين".
(11)" الموقع الالكتروني "المستبصرون".
(12): مداخلة السيد الحمروني في المنتدى الكتابي لموقع"الحوار.نت"بتاريخ 1 جانفي 2007.
(13): الموقع الالكتروني"المستبصرون".
(14):حديث الدكتور السماوي لوكالة الأنباء إباء.
(15):الموقع الالكتروني "المستبصرون".
(16): مداخلة السيد الحمروني في المنتدى الكتابي لموقع"الحوار.نت"بتاريخ 1 جانفي2007.
(17): مداخلة في منتدى"شيعة الجزائر" بتاريخ 8 ماي 2004.
* صحافي تونسي