اجتهادات فاعلة في إصلاح الفكر الشيعي (1) شريعت سنغلجي
من أبرز الذين كسروا الطوق وتحدثوا في الإصلاح العقائدي والفكري عند الطائفة الشيعية:
كان الشيخ "شريعت سنغلجي" المتوفى عام 1943م والذي تناول في كتابيه ’"الإسلام والرجعة" باللغة الفارسية و"مفتاح فهم الإسلام" باللغة الفارسية أيضًا ’ بشجاعة وجرأة غير مسبوقة قصة المهدي الموعود المزعومة ’ مفندًا ما تقوله الروايات الشيعية من أن المهدي يصاحِب خروجه ثورة مسلحة يضع فيها السيف على رقاب خصومه.
(والخصوم دائمًا حسب الرواية الشيعية هم أهل السنة)’ مؤكدًا أن خروج المهدي سيأخذ طابعًا نهضويًا جماعيًا واجتماعيًا و يلاقى فيه قبولاً عالميًا، مقدمًا بذلك تصورًا جديدًا لمسألة المهدي تتلاءم مع الرؤية الإسلامية العامة ومخالفة للرواية الشيعية التي تظهر المهدي وكأنه جلاد لا هم له سوى القتل والانتقام.
وتعليقا على كتابه "مفتاح فهم الإسلام" والذي هو تفسير للقرآن في مجلدين, قال عنه الكاتب والباحث الإيراني " ناصر الدين صاحب زماني" في كتابه "ديباچه اي بررهبري" صفحه:134:
إن "الشيخ شريعت" قدم رؤية عصرية للإسلام في إيران استحق أن ينال عليها لقب المصلح الأكبر من قبل أتباعه. كما شبه الكثير من الباحثين الإيرانيين حركة الشيخ "شريعت سنغلجي" التصحيحية بأنها أشبه ما تكون بحركة "لوثركنغ وتوماس منتسرو كالون" اللذين كانا يريدان العودة بالمسيحية إلى أصولها الأولية وتخليصها مما لحق بها من خرافات وبدع. ويقول هؤلاء الباحثون, إن " شريعت" كان يعمل عن وعي كامل في مواجهة الخرافات التي كان ينتقدها بانتظام في مجالسه وكتاباته...
وبخصوص "الرجعة" فقد جمع "الشيخ شريعت" الروايات والأخبار والدلائل النقلية وأضاف إليها استدلالات عقلية لدحضها, محذرًا الناس من تصديق هذه الخرافة التي تصور الأمر وكأنه فيلم سينمائي لتاريخ الإنسان يظهر عملية إعادة الأنبياء والأئمة إلى عالم الدنيا من جديد. وكان المستمعون والقراء المتابعون "للشيخ شريعت" يوافقونه على استدلالاته وآرائه العقلية ولكن أصحاب "البازار- تجار طهران" الذين كانوا يميلون إلى مشايخ الغلو، كانوا يشنون حملات تحريضية ضده، محاولين ثنيه عن مسيرته التصحيحية.
علماً أن العديد من مشايخ الشيعة الكبار لا يعد "الرجعة" من أصول أو فروع الدين ولكن عدد الأخبار والروايات التي وضعت بشأن هذه الخرافة جعلت انتقادها خطًا أحمر لا يمكن المساس به
وقد تحولت "الرجعة" مع مرور الزمان إلى عقيدة راسخة في المذهب الشيعي لا يسمح لأحد نكرانها. وعلى الرغم من أن محاولة "شريعت سنغلجي" كانت محاولة أولية في حركة التصحيح الشيعي إلا أنها فتحت آفاقًا مستقبلية واسعة ساعدت في ظهور مصلحين آخرين كانوا أكثر جرأة في الطرح وأكثر شمولية في التصحيح.
منقول عن الكاتب صباح الموسوي