النتائج التي توصّل إليها الباحث الشيعي حيدر قلمداران القمي في مسألة الإمامة، وسبيل الوصول إلى اتحاد المسلمين واجتماعهم.
ألّف المذكور كتاباً كبيراً يعتبر من أوسع المؤلفات وأهمها تحقيقاً وتدقيقاً في دراسة نصوص الإمامة في المذهب الشيعي، وسمّاه (طريق الاتحاد).
ذكر في خاتمته النتائج التي توصّل إليها، حيث قال:
تعـقيب وتلخيص وحسن الختام
1- نأمل أن يكون قد صار مسلَّمًا وواضحًا للباحثين عن الحقيقة وطلاب الحق المتجردين أن قضية "الإمامة" بمعناها السياسي على النحو الذي تبلور وشاع عندنا، من جعلها أصلاً أساسيًا من أصول الدين مساوقًا لأصل النبوة، وأنه منصب تعييني إلـهي، ليس له سند صحيح، ولم يفد هذا التأصيل أمة الإسلام إلا الاختلاف والنزاع والعداوة والتفرق والحروب. ولو أننا رجعنا إلى العقل والشرع واسترشدنا بهما بتجرد في هذا الموضوع، لوجدناه على غير تلك الصورة التي راجت وشاعت فيما بيننا، ولو طبق كما شرعه الشارع المقدس ووضع أسسه، لكان موجبًا للفوز والنجاح والفلاح للمسلمين.
2- ليس هناك أساس علمي موثوق لقضية نص الله تعالى ورسوله ص منذ البدء على إمام معين لأمر الخلافة والحكم سواء كان أبا بكر أو عليًّا، لأن العقل والشرع يتنافيان مع النص، ولأن الوجدان والتاريخ لا يشهدان بوجوده كما مر مفصلاً.
3- أفضلية الإمام علي وأحقيته وأولويته بالخلافة بعد رسول الله ص أمر لا يخفى على أي مطلع منصف، ولحسن الحظ أنّ كثيرًا من غير الشيعة أيضًا يقرّون بذلك، ونحن نعتقد أنه لو كان لعلي نفسه إربة شديدة فيها وإصرار على توليها بنفسه وحضر في سقيفة بني ساعدة وطالب بها لما خالفه أحد من أصحاب رسول الله بل لوافقوه عليها من كل قلبهم، ولكنه لم يكن مصرًّا عليها وكان يقول، كما أثر عنه في مناجاته: «اللهم إنك لتعلم أنه لم يكن الذي كان منَّا منافسةً في سلطان ولا التماس شيء من فضول الحطام ولكن لنردَّ المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك وتُقَام المعطلة من حدودك..»، لذا لما رأى وشاهد أنّ هذا الهدف يتحقق بواسطة الخليفتين أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) بايعهما بكل رغبة وصدق ودون أي إجبار أو إكراه وأعانهما في تنفيذ أحكام شرع الله، وإن كان هو أولى بمقامهما منهما.
4- الأحاديث الكثيرة الصحيحة الواردة عن رسول الله ص في فضائل ومناقب علي إنما تدل على إمامته الروحية والعلميّة للمسلمين وأنه أفضل من يبين حقائق الدين وأحكام الإسلام. وهذا أمر تتفق عليه ولله الحمد جميع فرق المسلمين ولا ينازع أو يجادل فيه أحد، فعليٌّ عند الجميع إمام المسلمين ونبراس المتقين بحق.
5- لا يجوز الطعن في أصحاب رسول الله ـ الذين مدحهم الله تعالى في أكثر من مائة آية من آيات ذكره الحكيم ـ أو الحط منهم لانتخابهم أبا بكر وعدم توليتهم علي مباشرة بعد النبيص، والأحاديث مثل: «ارتد الناس بعد النبي إلا ثلاثة أو إلا سبعة» مناقضةٌ للقرآن الكريم ومخالفةٌ لآياته. ولذا فالاعتقاد بها يجعل الإنسان على حافة الكفر والعياذ بالله.
6- الأحاديث التي جاءت في كتب الشيعة أو كتب السنة حول نص النبي الصريح والسابق على أئمة معينين لولاية أمر المسلمين، أحاديث ضعيفة أو موضوعة من وضع الغلاة وأصحاب الأهواء. لذا، هي أحاديث لا تقوم بها حجة ولا ينبغي الاعتناء بها أو التعويل عليها، كما بينا ذلك بقدر المستطاع في هذا الكتاب. ولا شك في إمامة الأئمة من آل الرسولص للمسلمين، بمعنى مرجعيتهم الفقهية والإرشادية وأنّ على المسلمين أن يرجعوا إليهم وينهلوا من ذخائر علمهم وفقههم. ولا شك أنّ سائر أئمة المسلمين كمالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم (رحمهم الله).. لم يأبوا أن ينهلوا من علوم الأئمة من آل الرسول ص بل تتلمذوا عليهم قليلاً أو كثيرًا واستفادوا على نحو مباشر أو غير مباشر من جواهر حديثهم وعلومهم ومعارفهم‡.
7- المغالاة والإغراق في تقديس وتعظيم الأئمة من آل الرسول ص أو أي أشخاص آخرين في أي مذهب، يتنافى مع حقيقة الدين القائمة على التوحيد الخالص، وكثير من الأعمال التي يقوم بها الناس باسم احترام وتعظيم أولئك الأشخاص، أعمالٌ تتنافى مع أحكام الشرع، وذلك كالمبالغة في تعظيم قبورهم والطواف حولها ودعاء أصحابها والتوسل والاستغاثة والاستنجاد بهم ونذر النذورات والموقوفات لهم. وهذا كله مما يؤدي لشغل الناس عن كثير من الفرائض، كما قال أمير المؤمنين: «ما أُحْدِثَت بدعة إلا تُرِكَت بها سنة! فاتقوا البدع والزموا المهيع!»، كما يشهد لذلك واقعنا الحالي.
8- صارت كثير من أحكام الإسلام وتعاليمه المقدسة مثل التوحيد الخالص ووحدة كلمة المسلمين واجتماعهم وإقامة الجمعة والجهاد والسعي لرفع راية الإسلام وإقامة حكمه وتطبيق حدود وأحكام الله ، متروكةً منسية لدى الكثير من عوام المسلمين،و من بعض خواصهم. وأحد الأسباب هو الانشغال بالخرافات والعداوات المذهبية، التي حان وقت القضاء عليها والعمل على نشر الأحكام الإلهية الحقة. هذا ما حاولنا القيام بجزء منه بمعونة الله تعالى في هذه الأوراق وفي غيرها من كتبنا.
9- يجب تطهير وتنقية الكثير من كتب فرق المسلمين التي ملئت بالخرافات والغلو المذهبي والأمور التي تثير العداوة والبغضاء وتولد الحقد والشحناء في صدور المسلمين على بعضهم بعضًا. ويجب نبذ علماء السوء الذين يروجون تلك الأقاويل ويلقنونها للناس.
10- وأخيرًا ينبغي لطلاب الحقيقة ومحبي الحق أن يقوموا بنشر مثل هذه المؤلفات والآثار التي وفقنا الله تعالى ووفق أمثالنا من إخواننا العلماء المحققين لكتابتها وطرحها، وأن يقوم آخرون كذلك من العلماء ذوي النظر البعيد والهمة العالية بالتحقيق ونشر الحقائق كما فعلنا، لعل الله تعالى يعيد للإسلام مجده وللمسلمين عظمتهم وعزّتهم ويعيد المياه بينهم إلى مجاريها ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
بزودى نه دير آرد اين نخل بار
أي: عن قريب سيثمر هذا النخل لا بعيد
اگر يار باشد جهان كردگار
إذا أعـان الله رب العالميـن
﴿إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ
وَمَا تَوۡفِيقِيٓ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ﴾
ولاحَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاّبِالله العَلِيِّ العَظِيم.
قم - حیدرعلي قلمداران
لتحميل الكتاب
https://sunnahorshiah.com/site/library/info/1984