sonnah

الرئيسية
  • الرئيسية
  • التشيع
  • حقائق
    • تحصين أهل السنة
      • تحصين العلماء
      • تحصين المثقفين
      • تحصين النساء
      • تحصين الأطفال
      • تحصين السياسيين ورجال الأمن
      • تحصين الوجهاء وشيوخ القبائل
      • تحصين العامة
    • توعية أهل السنة
      • توعية العلماء
      • توعية المثقفين
      • توعية النساء
      • توعية الأطفال
      • توعية السياسيين ورجال الأمن
      • توعية الوجهاء وشيوخ القبائل
      • توعية العامة
    • دعوة الشيعة
      • دعوة العلماء
      • دعوة المثقفين
      • دعوة النساء
      • دعوة الأطفال
      • دعوة السياسيين ورجال الأمن
      • دعوة الوجهاء وشيوخ القبائل
      • دعوة العامة
    • حقائق انفوجرافيك
  • المعلومات
    • الاحصائيات
    • إحصائيات - تصاميم
    • التقارير
  • المرئيات
    • المناظرات
    • التناقضات
    • الأفلام الوثائقية
  • الاخبار
  • الكتب
  • شبهات وردود
  • الشيعة والتصحيح
  • اتصل بنا
الجديد
  • شريان إيران المالي الأخير ينزف.. وطهران "لا جديد"
  • عقب هجمات أرامكو.. دعم عسكري لحماية الموارد النفطية في الخليج
  • إيران ترسل خبراء صواريخ وطيران للحوثيين بصنعاء
  • الجبير: نحمل إيران مسؤولية هجوم أرامكو
  • اليونان توجه ضربة جديدة لـ”حزب الله” !
  • التصحيح في قضايا الإمامة والخلافة عند الدكتور موسى الموسوي
  • جملة من الحقائق التي توصّل إليها الباحث الشيعي الأستاذ أحمد الكاتب
  • مراحل تطور ولاية الفقيه في الفكر الشيعي
  • الامامه و الخلافة عند الدكتور موسى الموسوي // تصميم انفوجرافيك
  • مسارات إصلاح الفكر الديني في إيران
  • أنت تتصفح |
  • تحليلات وتقارير
  • العلاقات الإيرانية السنغالية الجزء الثاني

العلاقات الإيرانية السنغالية الجزء الثاني

03 رمضان 1440 هـ | الأربعاء ٠٨ مايو ٢٠١٩
صورة

العلاقات الإيرانية السنغالية الجزء الثاني

 

العلاقات الاقتصادية

من المؤكد أن إيران تسعى لتوثيق وتعزيز علاقاتها الاقتصادية بالعديد من الدول الأفريقية ذات الثقل بهدف خلق حلقة جديدة في محاولات إعادة تفعيل السياسة الخارجية الإيرانية خاصة في هذه الدول الأفريقية ذات الأهمية الاستراتيجية والتي يسهل على إيران بناء نفوذ لها فيها، تنطلق من خلاله نحو آفاق جديدة في هذه القارة السمراء، مما يدعم القول بأن القارة الإفريقية لا تزال تمثل مجالاً حيوياً مهماً للسياسة الخارجية الإيرانية.

الواقع أن إيران تهدف من تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع السنغال إلى تحقيق أهم هدفين لها: الأول محاولة كسر العزلتين الإقليمية والدولية المفروضة على إيران بسبب طموحاتها النووية ودعمها للإرهاب وتطويرها صواريخ تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم، من خلال إقامة علاقات مع دول من خارج منطقة الصراع ومحاولة كسب ود دول أفريقية في المحافل الدولية، وفتح سوق كبيرة في أفريقيا مستفيدة من خبراتها البشرية ومواردها الطبيعية، والهدف الثاني فهو إحياء فكرة تصدير الثورة الإيرانية في أفريقيا بعد أن رفضت في الدول العربية المجاروة لإيران ومناطق كثيرة من العالم، لكنّ إيران سعت إلى محاولة إحيائها مع وصول التيار المتشدد بقيادة محمود أحمدي نجاد، من خلال الدور الذي تقوم به المؤسسات الخيرية والتعليمية والمشروعات الاقتصادية والاستثمارية.

تعود بداية العلاقات الاقتصادية بين إيران والسنغال إلى عام 1972، حين زار وفد اقتصادي إيراني رفيع المستوى بحوزته 8 مليون دولار السنغال بهدف إقامة المشاريع الاقتصادية، ومن ثم أجرى رئيس الوزارء الإيراني آنذاك زيارة إلى السنغال وطرح عدداً من المشاريع الاقتصادية في السنغال منها: التعاون لبناء مصفاة للنفط، ومحطة لتصليح السفن، وإنشاء منطقة صناعية حرة.

وقد تأثرت العلاقات الاقتصادية بين البلدين بتوتر العلاقات السياسية نتيجة اقتحام السفارة الأميركية في طهران من قبل أتباع النظام الإيراني الجديد، وأيضاً بسبب قيام السلطات السنغالية بطرد دبلوماسيين إيرانيين وإغلاق السفارة الإيرانية في داكار عام 1983، وذلك بسبب دخول دبلوماسيين إيرانيين إلى السنغال بطريقة غير مشروعة، وبعد استئناف العلاقات السياسية وتحسنها شيئاً ما في عام 1988، حدث أيضاً في المقابل تحسن على العلاقات الاقتصادية، حتى تم عقد أول جلسة تعاون مشترك بين البلدين في عام 1996 في داكار، وقرر عقد الجلسة الثانية لهذه اللجنة المشتركة في إيران في عام 1997 كما ذكرنا سابقاً.

وقد استخدمت إيران في تغلغلها في السنغال طرقاً ومنافذ اقتصادية، لتغطي أهدافها الحقيقية من تواجدها في هذا البلد الأفريقي، فعمدت إلى ربط علاقات مع نافذين ووزراء ورجال أعمال، ومنذ زيارة وزير الخارجية الإيراني الأسبق منوشهر متكي، موفداً من رئيسه حينها، هاشمي رفسنجاني إلى السنغال عام 1990، تم عقد صفقات اقتصادية كبيرة بين البلدين، ما دفع الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد، المعروف بتدينه وانتمائه للطريقة التيجانية، إلى زيارة طهران عام 2002، ونجم عن تلك الزيارة إنشاء مصنع ضخمٍ لتركيب السيارات في العاصمة السنغالية داكار، وبناء حوزة “الرسول الأعظم” العلمية في العاصمة السنغالية، فيما ارتفعت صادرات السنغال إلى إيران بنسبة 240% عما كانت عليه من قبل.

في عام 2008 افتتحت شركة “سنیران اتو”[1]خطاً لإنتاج سيارات “سمند”[2] في مدينة «تيس» ثالث أكبر مدينة في السنغال، وذلك بحضور علي أكبر محرابيان وزير الصناعة والمناجم في إيران آنذاك، والرئيس السنغالي، والمدير الإداري لمجموعة إيران خودرو الصناعية، ولكن توقفت أنشطة هذا المصنع بسبب ارتفاع استهلاك سيارة “سمند” للوقود والتكاليف باهظة الثمن في السنغال.

تجارة السنغال غير النفطية مع إيران (القيمة: مليون دولار)

العام 2003 2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011

الصادرات 4.4 2.5 2.4 5.4 16 15.9 11.9 4.8 6.1

الواردات ــ ــ 0.1 0.8 ــ ــ ــ 0.9 ــ

الميزان التجاري 4.4 2.5 2.4 4.6 16 15.9 11.9 3.9 6.1

في عام 2004 كانت إيران الضيف الخاص لمعرض داكار الدولي السادس عشر، وكانت أول دولة تحضر المعرض بمشاركة 60 شركة إيرانية في مساحة تبلغ حوالي 1000 متر مربع في المعرض، وبهدف إنشاء منصة مناسبة للعلاقات التجارية بين البلدين خلال السنوات القليلة الماضية، سافر ما يقرب من 100 من رجال الأعمال والمستثمرين السنغاليين إلى طهران، واشتروا كمية كبيرة من السلع الإيرانية لاستخدامها في الأسواق السنغالية.

وفي سياق تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، عقدت الجلسة الثالثة للجنة التعاونية المشتركة بين البلدين في داكار عام 2007، واستمرت زيارة الوفود الإيرانية وخاصة الاقتصادية إلى السنغال بهدف فتح قنوات فرص الاستثمار الإيراني في هذه الدولة.

ولا تزال اللجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران والسنغال تعقد بشكل دوري في مساع من أجل النهوض بالعلاقات الاقتصادية والتجارية وتعزيزها بين البلدين، غير أن التقارير تؤكد أن إيران قد فشلت بالفعل في استثمارها السياسي والاقتصادي أيضاً في السنغال، وأن حجم التبادل التجاري ليس عند المستوى المطلوب ومنخفض جداً، ومن المتوقع أن ينخفض بشكل تدريجي مع إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران.

أهمية السنغال الاقتصادية والدينية بالنسبة لإيران

أولاً: لا يغيب عن العقلية الإيرانية المكانة الاستراتيجية لدولة السنغال في التجارة الدولية، وأن الوصول إليها يعني محاولة إيجاد موطئ قدم على الممرات المائية الهامة.

ثانياً: أن السنغال من الناحية الاقتصادية كانت ولا تزال مسرحاً للتنافس الدولي، حيث عبور المنتجات المعدنية والنفطية المتميزة بالنقاء ورخص الأسعار وسهولة الشحن.

ثالثاً: الاستفادة من مميزات هذه الدولة في علاقاتها الدولية والإقليمية، لأن الدين الإسلامي يمثل دين غالبية السكان، وهو ما قد يعطي ثقلاً لإيران في المحافل الدولية.

رابعاً: انفتاح الحدود وسهولة العبور من هذه الدولة إلى دول غرب أفريقيا الأخرى، وهو ما يسهل عمل أي مؤسسة أو تنظيم في دول غرب أفريقيا بشكل عام، لذا فإنها تعتبر بالنسبة لإيران مركزاً هاماً يمكن من خلاله نشر الفكر الشيعي في دول غرب أفريقيا عامة.

ولا تزال هناك مساع إيرانية واضحة في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع السنغال، عبر عنها مؤخراً وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال لقائه رئيس البرلمان السنغالي “مصطفى نياس” الذي قام بزيارة إلى إيران في يناير 2018، إذ أعلن ظريف عن استعداد إيران لإنتاج السيارات والجرارات في السنغال، وشدد ظريف على دور السنغال في غرب أفريقيا، معرباً عن استعداد بلاده لتطوير العلاقات مع السنغال في كافة المجالات خاصة في مجال إنتاج السيارات والجرارات داخل السنغال وتصديرها إلى دول الجوار، من جهته شدد رئيس البرلمان السنغالي مصطفى نياس على أهمية الزيارة التي يقوم بها لطهران داعياً إلى تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين خاصة في مجال “إنتاج السيارات” و”الاستفادة من التجارب الإيرانية في المجالات الزراعية” وأيضاً “تصدير الجرارات وآلات الحصاد”، كما دعا نياس إلى دعم إيران لترشيح السنغال لرئاسة الأمانة العامة لمنظمة البرلمانات الإسلامية.

وفي تصريح لوزير خارجية إيران جواد ظريف فإنه أكد فيه أن لدى إيران تواجد جيد في السنغال في مجال صناعة السيارات، مضيفاً أن هذا البلد يتمتع بإمكانات جيدة تأمل إيران من خلالها أن يكون سوقاً للصادرات الإيرانية غير النفطية والفنية والهندسية.

العلاقات الثقافية

في عام 1983 تعهدت الحكومة الإيرانية بتقديم مساعدة لضحايا الفيضانات السنغالية بمبلغ مليون فرنك سنغالي، ولكن بعد اندلاع أزمة العلاقات السياسية بين البلدين في عام 1983 وقطع العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين، شهدت أيضاً العلاقات الثقافية الثنائية تغيراً ملموساً، ولكن بعد استئناف العلاقات السياسية بين البلدين عام 1988، شاركت إيران في اجتماع قادة منظمة المؤتمر الإسلامي السادس في السنغال والذي انعقد في عام 1991، ما قاد إلى تطورات إيجابية في العلاقات السياسية والثقافية بين البلدين، وبعد إجراء المفاوضات اللازمة مع السلطات السنغالية، تم إنشاء أول قسم لغة فارسية في جامعة أنتا ديوب بالسنغال، والتي لا تزال نشطة في قبول الطلاب ووجود أستاذ متفرغ من جامعة شهيد بهشتي.

وبعد التوقيع على مذكرة تعاون ثقافية بين البلدين عام 2003، أصبحت التعاونات في القضايا العلمية والبحثية والثقافية بين إيران والسنغال مطروحة على جدول الأعمال، وبعد زيارة مهدي كروبي رئيس مجلس الشورى الإيراني آنذاك مع الوفد المرافق، تم افتتاح قسم اللغة الفارسية في جامعة الشيخ انتاجوب بداكار، كما أسست السفارة الإيرانية في داكار مركزاً ثقافياً، ودعمت إيران أيضاً مراكز ثقافية تهدف إلى الترويج للتشيع ونشر المذهب الشيعي في السنغال، وذلك بمساعدة الحوزات العلمية في إيران، وتؤكد دراسات وتقارير هذه المراكز أن شخصية المرشد الإيراني معروفة لدى الشعب السنغالي وتحظى باحترام كبير.

وقد تم التوقيع على التعاون الثنائي بين إيران والسنغال في عام 2007 في إطار “برنامج التبادل الثقافي والعلمي والتعليمي بين إيران الإسلامية والسنغال للسنوات ما بين عامي 2007 حتى 2010.

ومع وقوع زلزال “بم” في كرمان عام 2003، بعث الرئيس السنغالي وفداً خاصاً مكوناً من وزيرين إلى إيران للإعراب عن تعاطف السنغال مع الشعب الإيراني في هذه الحادثة، وقدم مساعدة مالية تبلغ 500 ألف دولار للحكومة الإيرانية.

وفي الوقت الحاضر هناك عدد من المواطنين السنغاليين يدرسون في الحوزات الدينية في إيران عن طريق الابتعاث، كما يلعب عدد من المواطنين السنغاليين في الأندية الإيرانية كلاعبين أجانب.

الشيعة والتشيع في السنغال

يعد نشر المذهب الشيعي أهم أهداف الأنشطة الإيرانية في معظم القارة السمراء، وخاصة منطقة غرب أفريقيا ذات التكتلات الإسلامية الكبيرة، فاستخدمت إيران عدة وسائل وأساليب لتدعيم علاقاتها مع دول غرب أفريقيا، حيث الإسلام هو الدين الرسمي لأغلبية السكان، إذ يقدر عدد سكان غرب أفريقيا بنحو 257 مليون نسمة، بينهم 161 مليون نسمة من المسلمين غالبيتهم الكبرى من السنة، ويصل عدد السكان المسلمين في العديد منها ما يفوق نسبة 95% من إجمالي السكان مثل السنغال ومالي وغامبيا، ويصل عددهم في غينيا 85%، وفي النيجر 80%.

إضافة إلى هذا البعد الديني الهام جداً بالنسبة لإيران، هناك أيضاً أهمية استراتيجية حيوية لمنطقة غرب أفريقيا عادة ما أغرت النظام الإيراني، ودفتعه إلى نشر المذهب الشيعي في دول غرب أفريقيا عامة ودولة السنغال خاصة باعتبارها أرضاً مختارة بدقة لهذا الهدف.

بدأت إيران عملية التشيع في السنغال مع تعيين الإمام موسى الصدر للشيخ عبد المنعم الزين، مرشداً دينياً للمنتسبين للمذهب الشيعي من أبناء الجالية اللبنانية في السنغال، والتي بدأت هِجرتها إلى السنغال لأغراض تجارية واقتصادية، فانطلق الزين في عام 1969 لنشر المذهب الشيعي في أواسط الشعب السنغالي مع استقباله بعض المثقفين السنغاليين ذوي الخلفيات الصوفية مثل شيخ توري، والأخوين: سيدي الأمين أنياس، وأحمد الخليفة أنياس، حيث ثار لدى هؤلاء الرغبة في الاقتداء بما تروجه إيران من نموذج “ثوري إسلامي” يعمل على تحقيق حلم إنشاء الدولة الإسلامية وتحكيم المرجعية الإسلامية في المجتمع. ولكن كان فريق من هؤلاء، لم يصل به الأمر إلى حد اعتناق مذهب التشيُّعِ، إذ لم يتجاوز تأثُّرهم بحدث الثورة الإيرانية حدود الاستلهام الفكري، فإن فريقاً آخراً وصل به الحال إلى اعتناق المذهب الشيعي وتغيير هويته المذهبية.

إن الجالية اللبنانية الشيعية المهاجرة قد شكلت بالفعل أساس انتشار المذهب الجعفري في دول منطقة غرب أفريقيا خاصة في السنغال، إذ بدأ التواجد الفعلي لها عام 1969 بقدوم الشيخ عبد المنعم الزين اللبناني والمدفوع من قِبل الإمام موسى الصدر للعمل على نشر المذهب الشيعي في هذه المنطقة من العالم، كما أشرنا سابقاً، وقد بيّن الزين دوره في نشر التشيع في أفريقيا في كتاب له بعنوان “مذهب أهل البيت”.

إن أهم نقطة في قدرة إيران على نشر التشيع في السنغال هو وجود التصوف الذي قرب كثيراً بين قيادات هذه التيارات الصوفية وإيران، حيث التشابه بين وجود مرجع شيعي وبين شيخ الطريقة الصوفية، وهناك أوجه التشابه في المناسبات والأعياد وبعض الطقوس الدينية أيضاً، كما أن فكرة التسامح الديني تسود بين السواد الأعظم من سكان أفريقيا وخاصة السنغال، والمعروف أيضاً أن حكومات هذه الدول تميل كثيراً إلى العلمانية، وهو أيضاً ما ساعد إيران على إنشاء تجمعات ومؤسسات اجتماعية وتعليمية تعمل على نشر المذهب الشيعي في السنغال.

وقد حظي التمدد الشيعي في السنغال بالرعاية السياسية والدبلوماسية والدعم المالي والاقتصادي من قبل النظام الإيراني، فبسبب الحصار على طهران منتصف عقد الثمانينيات من القرن الماضي، بدأ العمل على تنسيق جهود الدبلوماسية الشعبية الإيرانية لتأسيس وجود قوي ومنظم في هذه الدولة الأفريقية.

وحسب تصريحات “شريف مبالو” الأمين العام لرابطة أهل البيت وهي حركة شيعية أفريقية، فإن هناك ما بين 30 و50 ألف شيعي في السنغال التي يسكنها 15 مليون نسمة، وتقول التقارير إن مبالو قد اعتنق المذهب الشيعي بعد مشاهدة الثورة الإيرانية على التلفزيون، ثم عمل مع السفارة الإيرانية لمدة 25 عاماً وزار إيران عدة مرات، لكن عندما عاد عمل على تأسيس جماعة شيعية موالية لإيران بعد تلقيه دفعة مبدئية من رجال أعمال إيرانيين.

ووفقاً لما نشره “مجمع أهل البيت” في السنغال، فإن نسبة الشيعة في السنغال وصلت إلى 5% من إجمالي عدد سكانها البالغ 12 مليون نسمة، أي حوالي نصف مليون شيعي في السنغال، فيما فاقت في مالي 1 % من 11 مليون نسمة، وفي غينيا بلغ عدد الشيعة حوالي 7000 نسمة من إجمالي عدد المسلمين، الذين لا يتجاوز عددهم 680 ألفا.

أدوات إيران في التغلغل ونشر التشيع في السنغال

لقد استخدمت إيران أدوات نشطة في نشر التشيع في السنغال وعامة غرب أفريقيا، ويمكن إيجازها في الآتي:

أولاً: التصوف واستغلال المشتركات الصوفية الشيعية، إذ تواصلت إيران بشكل رسمي وغير رسمي مع العديد من رموز التصوف في السنغال وغرب أفريقيا، وأهم طرق التصوف التي سارعت إيران إلى التقرب منها هي: القادرية، والتيجانية، والمريدية، فأتباع هذه الطرق يبلغ أعدادهم الملايين، ولا تلعب قيادات هذه الطرق دوراً كبيراً في الشؤون الدينية فقط، بل يوازي ذلك أدوار اقتصادية وثقافية وسياسية، وقد استخدمت إيران هذه الطرق بنشر الفكر الشيعي مستغلة وجود تقارب بين المذهب الشيعي وهذه الطرق الصوفية، ويعتبر هذا المدخل أهم مداخل إيران إلى المجتمعات السنغالية، فدعمت بعض هذه الطرق بالمال وبإنشاء بعض المؤسسات التعليمية، وعلى سبيل المثال قام الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني، بزيارة السنغال في عام 1994، وتبرع شخصياً لترميم “مسجد توبة”، كما أنشأت إيران مؤسسة (والفجر) ومؤسسة (مزدهر).

لقد استثمرت إيران في استمالة كثير من الشباب السنغالي المتصوف والفقير إلى المذهب الشيعي، مستغلة المشتركات الكثيرة بين التصوف والمذهب الشيعي، والتي أهمها حب أهل البيت والإيمان بالمهدي المنتظر، وتقديس عاشوراء، والتوسل عبر الأولياء الصالحين، فعملت إيران على تأسيس مرجعية دينية مع بعض شيوخ الصوفية، أطلق عليها اسم “أهل البيت النبوي”، ومن هنا بدأت عمليات التشييع الواسعة في السنغال وغرب أفريقيا.

ثانياً: الجاليات اللبنانية: وتعتبر لوبياً شيعياً قوياً في السنغال، وقد استغلتها إيران في الوصول إلى المتصوفين وإقناع بعضهم باعتناق المذهب الشيعي، فعلى سبيل المثال كان “عبد المنعم الزين” اللبناني الأصل هو أول من ساهم في التواصل مع بعض الطرق الصوفية وأقنع البعض باعتناق المذهب الشيعي.

ثالثاً: السفارة الإيرانية وما يتبعها من مراكز ثقافية واجتماعية، وتنشط السفارات الإيرانية بشكل عام في كافة الدول عبر ملحقيها الثقافيين لتحقيق أهداف نشر الثورة والترويج للمذهب الشيعي، عبر طباعة وإصدار العديد من الكتب والمجلات، وفتح المجال أمام تدريس المذهب الشيعي عبر المشاركة في مؤسسات طوعية اجتماعية وغيرها، إضافة إلى تأسيس الإذاعات وعقد الندوات والمؤتمرات الهادفة إلى نشر الفكر الشيعي وتلميع صورة نظام الولي الفقيه، وتنشط هذه السفارات والمراكز في السنغال عبر قنوات دينية تتمثل في بناء المساجد وعقد المحاضرات الدينية، وقنوات اجتماعية تتمثل في بناء المؤسسات الخيرية، وقنوات تعليمية تتمثل في بناء المدارس والجامعات لإعداد أجيال قادمة تؤمن بالثورة الإيرانية ونظام الولي الفقيه وتؤيده وتدافع عنه.

رابعاً: جامعة المصطفى العالمية التي تمارس أدواراً اجتماعية وتعليمية ودينية أيضاً من خلال نشر التشيع وتلميع صورة النظام الإسلامي في إيران، تنفق طهران على الملتحقين بهذه الجامعة وتقوم بتسيير رحلات وبعثات علمية لهم، وهي جامعة لها 12 فرعاً تنتشر في أنحاء أفريقيا، يشرف على أنشطة هذه الجامعة المرشد الإيراني علي خامنئي نفسه، ومقرها في مدينة قم الإيرانية، ولها فروع في 50 دولة من بينها فرع دكار يصل تمويله من مكتب المرشد الأعلى وشخصيات أخرى تحت قيادته، وحسب تصريحات مدير الدراسات بجامعة المصطفى الشيخ “أدرامي واني” فإن الجامعة في داكار تستقبل 150 طالباً بشكل سنوي، وتقدّم لهم تعليماً مجانياً ومنحاً مالية ووجبات طعام، وقال أستاذ في قم إن الطلاب يردون على هذا السخاء والدعم الإيراني بالدعاية لإيران على الإنترنت أو في صورة كتب، كما أن طلاب هذه الجامعة يتلقون من إيران ما يكفي من الأموال بحيث تمكنهم وأسرهم من زيارة قم أثناء الانتهاء من دراساتهم، وتؤكد التقارير أن جامعة المصطفى هي الآن الأداة الرئيسية لإيران لنشر المذهب الشيعي في السنغال، وهدفها الأساسي هو تعليم الناس أن يكون ولاؤهم للجمهورية الإسلامية والولي الفقيه في إيران، وفي موازنة إيران لعام 2016 حصلت الجامعة على 2390 مليار ريال (74 مليون دولار)، لكن هناك بعض التقارير تؤكد أن الجامعة تحصل على مزيد من التمويل من مكتب المرشد الأعلى وشخصيات أخرى تحت قيادته.

وتعتبر البعثات الدراسية التي تقدمها المؤسسات التعليمية في إيران ولبنان للطلاب والشباب السنغالي، مؤثرة الآن في المجتمعات السنغالية والأفريقية، بعد عودة الأفواج الأولى التي أنهت دراستها، كما تستخدم الاستراتيجية الشيعية توطيد العلاقات مع مشايخ الطرق الصوفية في هذه البلدان سعياً لبناء الجسور لتحقيق الهدف.

خامساً: المنافذ الاقتصادية والاستثمارات، إذ عملت إيران ولا تزال تعمل على فتح منافذ اقتصادية نحو السنغال عن طريق التقرب من رجال أعمال وتجار ونافذين في الحكومة السنغالية، بغية الوصول إلى الأسواق السنغالية والتأثير عليها، وتوظيف الفقراء والمحتاجين، وذلك بإشراف من قبل شبكة مكونة من الحرس الثوري وحزب الله، وفي هذا السياق كانت صحف أميركية وإسرائيلية، منها “هآرتس”، قد نشرت تقارير كشفت فيها أن تجارة وصناعة الألماس في غرب أفريقيا والسنغال يسيطر عليها لبنانيون تابعون في الأغلب إلى حزب الله، ويعملون بدأبٍ على نشر المذهب الشيعي، وتوسيع النفوذ الإيراني في القارة، ويدعمون حزب الله بالمال الوفير، وينشطون في بناء الحوزات العلمية، والمراكز الثقافية الشيعية في أماكن متفرقة من الأراضي السنغالية.

أما طبيعة نشاط التشيع في السنغال فقد تحولت في الفترة الأخيرة إلى علنية بعد أن كانت تسير عبر قنوات خفية أو على الأقل خفية الأهداف، وأصبح الترويج للمذهب الشيعي يمر عبر الكتب والمجلات والمحاضرات والندوات، بل إنها وصلت إلى قنوات تلفزيونية، حين قامت إحدى الشخصيات المعروفة وهو “إبراهيم باجان” في شهر سبتمبر عام 2009 بإثارة ضجة كبيرة في المجتمع السنغالي بعد دعوة وجهها عبر القنوات التلفزيونية المحلية إلى الشباب يدعوهم فيها إلى التشيع عن طريق تزيين زواج المتعة لهم، وإمكانية الزواج بعقد مؤقت لبضع ساعات، الأمر الذي رأى فيه العديد بأنه دعوة صريحة إلى توسيع دائرة البغاء في المجتمع السنغالي تحت غطاء ديني، وأكدت كيانات اجتماعية وسياسية أن هذه الدعوة تعتبر تهديداً صريحاً لمؤسسة الأسرة والمجتمع السنغالي بشكل عام، وحين أصر الرجل على الإدلاء بتصريحات صادمة في القنوات التلفزيونية السنغالية وفي وسائل الإعلام الأخرى واعترافه في هذه للبرامج بأنه يمارس زواج المتعة مع السنغاليات، قامت عناصر من الأمن الوطني السنغالي باعتقاله فور خروجه من أحد البرامج وتم التحقيق معه.

هذه الحادثة والعديد من الحوادث الأخرى المشابهة، تكشف عن وجود قلق وتخوف لدى الدولة السنغالية من التمدد الشيعي، لذا بدأت في السنوات الأخيرة باتخاذ مواقف رادعة ضد قوى التشيع في المجتمع السنغالي، ولا سيما عندما تستشعر خطر ما يمكن أن يهدد السلم والتجانس المجتمعي، أو يتناقض مع مرتكزات استقرار المجتمع.

وكان لمثل هذه الحوادث أيضاً ردة فعل من قبل المذاهب الإسلامية الأخرى وعلى رأسها السلفية، وخلقت نوعاً من الصراع الديني بين الشيعة والسنة في السنغال، ومنذ ذلك الحين والقوى السلفية تسعى جاهدة لمواجهة نشاطات الشيعة في السنغال.

النتيجة:

شهدت العلاقات بين إيران والسنغال منذ بدايتها حتى الآن تقلبات ما بين مد وجزر، وصلت في كثير من الحالات إلى مراحل متقدمة من التعاون والتنسيق وتبادل الزيارات، وتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومعاهدات التعاون المشترك وفي مختلف المجالات الزراعية والصناعية والثقافية والتجارية، في المقابل شهدت توترات شديدة أدت إلى القطيعة في بعض الأحيان، فتارة تتعزز تلك العلاقة وتقوى أواصرها بين الجانبين لتصل إلى مرحلة من التعاون المشترك، وتارة أخرى شهدت تراجعاً خطيراً وصل في كثير من الأحيان إلى درجة قطع العلاقات بسبب تدخلات إيران وسلوكها السيء مع السنغال.

أكبر الأزمات التي وقعت بين البلدين وأدت إلى قطع العلاقات هي فضيحة قيام إيران بتوريد الأسلحة للمتمردين الانفصاليين في منطقة “كازاماس” الجنوبية بعد أن تم الكشف عن استخدام أسلحة إيرانية استخدمت في الهجمات التي تشنها قوات المتمردين على الجيش السنغالي وتسببت في مقتل جنود سنغاليين، مما استوجب من الحكومة السنغالية استدعاء سفيرها في طهران لإبلاغ الحكومة الإيرانية بتقديم توضيح وتفسير لما تم الكشف عنه من تورط طهران بتقديم أسلحة وذخيرة إلى المتمردين الانفصاليين وكذلك الكشف عن ضبط قذائف مورتر وقذائف صاروخية على متن سفينة إيرانية احتجزتها السلطات النيجيرية، وكانت هذه أخطر حلقة في سلسلة النزاعات الدبلوماسية بين إيران وبلدان غرب أفريقيا بشكل عام والسنغال خاصة، إذ لم تقتصر تداعيات ذلك على السنغال فحسب، بل امتدت إلى دول أخرى مثل غامبيا التي أعلنت أيضاً قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بعد أن تم الكشف عن أنها كانت إحدى الجهات التي كانت تستهدفها شحنات الأسلحة الإيرانية.

يبقى مستقبل العلاقات بين البلدين رهينة بما ستحمله التطورات الدولية تجاه إيران، إذ أن نتائج تلك التطورات والأحداث ستلقي بظلالها على طبيعة العلاقات بين إيران والسنغال، ومن غير الصعب إقناع السنغال حالياً بتبني مواقف أكثر حسماً وتشدداً تجاه السياسات الإيرانية، لدرجة إعلانها قطع كافة العلاقات مع إيران، أما في حال استمرت العلاقات فإنها ستبقى متوترة وقائمة على عدم الثقة.

مركز المزماة للدراسات والبحوث

٦ يونيو ٢٠١٨

[1]“SenIran Auto”هي شركة إيرانية سنغالية لصناعة السيارات، وتقع في مدينة «تيس» قرب العاصمة داكار.

[2]نوع من السيارات التي تنتجها إيران.

 

 

0 1

أضف تعليق

ملاحظة : سوف يتم حجب التعليق الخاص بك حتى موافقة الإدارة

تحليلات وتقارير مقترحة

صورة

حسن نصرالله مجرم الحرب

صورة

السلاح الإيراني في إفريقيا... الواقع وسيناريوهات التصدي

صورة

«التحالف الدولي ضد انتهاكات إيران» يفضح إرهاب نظام «الملالي» في اليمن

صورة

كيف تستهدف إيران تشييع المغرب؟.. الأذرع والأدوات

صورة

تمرد الأقليات في إيران: هل تتجرع طهران «كأس السم» الذي تسقيه لدول المنطقة؟

صورة

إيران.. إلى أين؟ (2-2)| الملالي من سدة الحكم.. إلى "مزبلة التاريخ"

صورة

إيران والشيوعيون .. زواج المتعة والمصالح

صورة

العلاقات الإيرانية السنغالية الجزء الأول

صورة

كيف تستخدم إيران حزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق؟

صورة

النظام الإيراني حول البلقان إلى قاعدة سرية لعملياته الإرهابية

sonnah

جميع الحقوق محفوظة © موقع سنة وشيعة