والمقصود بأعلام التصحيح في عنوان الكتاب مفكرون و"رجال دين" معاصرون من الشيعة الإمامية الاثني عشرية، سعوا إلى إحداث إصلاحات كبرى أو جزئية في مبادئ وأسس المذهب.
والكتاب في الأصل رسالة علمية حصل بموجبها المؤلف على درجة الماجستير من جامعة الملك سعود بالرياض.
وله قصة يوجزها البديوي في التمهيد، فهو لم يكن يهتم بالبحث في القضايا المتصلة بالتشيع والشيعة، على الرغم من نشأته في منطقة يكثر فيها أتباع الإمامية الاثني عشرية، لولا أن أحد أساتذته في الجامعة - الدكتور محمد الوهيبي - نوّه ذات يوم بوجود بعض الباحثين الشيعة في الوقت الحاضر، يقدمون آراء تدعوا إلى الاعتدال، ونبذ الخرافات الموروثة.
يبدأ الكتاب بمقدمة موسعة تشتمل على تعريف عام بالشيعة الإمامية الاثني عشرية منذ بدء التشيع كتأييد سياسي لرابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم يلخص أبرز محطات التحول في المذهب، ولا سيما ادعاء عصمته رضي الله عنه، والزعم بوجود نص شرعي ينصبه وصياً على الأمة بعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، وصولاً إلى خرافة الأئمة الاثني عشر المعصومين!
وبما أن خط الغلو قد تصاعد في المذهب المذكور باستمرار على مدى القرون، فقد حصر الباحث بحثه في مئة السنة الأخيرة؛ لأنها شهدت ظهور أصوات تدعو- لأول مرة - إلى التصحيح من الداخل؛ لتكون أول بادرة مراجعة للتشدد المتزايد، ولو أن أصوات دعاتها محدودة ونادرة ومحاصرة ومقموعة.
ويعرض الكتاب أبرز الشخصيات التي دعت إلى التصحيح في وسط الشيعة خلال القرن الأخير، مبيّناً أفكار كل منهم بعد أن عمد إلى تقسيمهم بين أعلام هجروا الإمامية، وآخرين ظلوا في دائرتها، كما يعرّف بالتيارات الفكرية التي دعت إلى التصحيح والاعتدال في وسط الشيعة في مدة دراسته نفسها.
ففي الباب الأول تناول البديوي جملة من أشهر الأعلام الذين تركوا المذهب الإمامي من الشخصيات المتأخرة التي كان لها إسهام كبير في إجراء مراجعات أساسية أدت بهم إلى التخلي عن الفكرة الأساسية للمذهب وهي القول بالمفهوم الإمامي للإمامة، كما أن مراجعاتها شملت أبواباً ومسائل أخرى تتعلق بمسائل الاعتقاد مثل نسبة علم الغيب إلى الأئمة وصرف العبادة لغير الله، وغيرها من المسائل المهمة.